السبت، 12 سبتمبر 2015

لو أن قلب الفتى...
(قص)
     كنت أقف، بدا لي، حذاءها تماما؛ فتاة تجاوزت العقد الأول بقليل. لم أنتبه لوجودها، في البدء، إلا حين وقر منها في أذني صوت حشرجة، وكأن ألفته ، بطبلتي أذني، كان ألصق من طوق حمامة بعنقها. ارتعدت أطرافي. وطفقت يداي المرتعشتان، بعد لأي وعسرة،  تقمشان بين ثنيات جيوبي.
     تحسرت على فقدان حافظة نقودي الصغيرة، التي كانت أشبه بحافظة جدتي، أو كأنهما صنوان ، قبل آن نشل،. وحين أطلت البحث، واشتمت رائحة الخيبة فسوات تتطاير من ملامحي،  شرعت تصرخ وتبكي، فسرى بكاؤها رعشات قرٍّ جمد جماعي.
     غمَّسْت، خلت، نظراتي في بعض مرق الأسى. جللتها بورود وأزهار من حديقة حزني وعطفي التي عبثت بها رياح خرفي، ورميت بها في جحرها.
    انتكست الفتاة، وما خمنت، وتحول صراخها إلى أنين خافت، كأنه ينبعث من بئر عميقة. رفعت رأسها تجاهي. كان وجهها قد ابتل بالدموع والمخاط.
-         أنت هيم معلق بناصيتيك. دمدمت.

     ورأيتني معلقا بناصيتي في فضاء لا قرار له، ومخاطها يسيح ويسيل، حتى شكل بحيرة. ورأيتني أتحول شاطئا صخريا تتكسر عليه أمواج البحيرة وقد صارت بحرا، وأنا أمني النفس شذرات  حلم أو رؤيا؛ لو أصير شاطئا رمليا يمتص بعض هذا الزبد! ونتأ في غبش تثواني، نبت كأنه شجر: "لو ان الفتى حجر..."