الأحد، 5 أكتوبر 2014

يا ليتني صرت رمادا




يا لَيْتَني صِرْتُ رَمادا فَـتَـنْـفَـضُهُ
تِلْكَ التي أضرمت النار وانصرفــتْ!
شكرا لها، لم احتضِرْ.. لم أنتحرْ
ما زال الجمر يلتهب.
لم أحترقْ، لكن الفِلْذَةَ احترقتْ.
             ***
كم من ذكرى خبتْ سلفتْ
والجرح لا ينفك يندملُ
كم من ذكرى جراءتُها
أدمت، وسال الدمع ينسكبُ.
شكرا لها،
فأنا،
كالريحِ يمضي،
بلا وجهٍ،
بلا أثرٍ،
لكنه يمضي
يحمل أوزارَهُ أنى انتقلْ،
هذا الفتى ذَرِبُ!
يداعب الوجنتين
يحلم، بالشعر وبالقمرْ
أنى ارتحل ارتحلْ.
     ***
شكرا، لتلك التي هبت ثم ذرتْ
من وردها.
أَذَبُلَ الوردُ فانقطعتْ؛
تُرْوَى حكايةً
أم الحكاية تَرْويها؟
أم أن  ريح الخريف أجفل منها
شذاه فانتبذتْ
ركنا من القلب قصيا؟


     ضــــــجــــــــر

يَمْشي الهويْنى على وقْعِ الدجى قمَـرُ
                      هذا الغريبُ سرى في قلبه الضجـــرُ
والليلُ ينسج من أهدابه أمـــــــــــــلاً
                     يثني على وحدتي، والدمع ينــهمــــرُ
أبكي على ما مضى وسار من زمــنٍ
                    لا يُسْتَعادُ الأزْرُ منه أو قَـــــــــــــــدَرُ
قد يأمل المرءُ في سرٍّ يبارحُــــــــــهُ
                     لكن أسرار الناسوتِ تأْتَــــــــــــــــزِرُ
يا فالق الحب، يا اللهُ، كنْ سَنـــــــــدي
                    فيك الرجاءُ، إليك يُسْبَلُ النظــــــــــــرُ
قد كان لي في الدجى والليل يهتف بي
                     خيرُ الصحابِ جلا، والرفقة السمـــرُ
إني غريبٌ كذا تغربت إبـــلـــــــــــي
                     والحزن مُنْكَبِسٌ كأنه مطــــــــــــــــرُ
أستنصر الغيثَ كلما دنت سحـــــــبٌ
                                              تمضي كأن القلب دكه حــجـــــــــــرُ

حنين


 
سأَلْتُهما على خجلٍ تثَوَّانــــــي
فما رفتْ ولا رقت مشاعــرُكِ
وهدرُ الموج حيَّانــي
وعيناك مغاراتٌ تُلَوِّحُ بــــــــي
إلى ظلمات سحرهما وشوقهما
وطيبُ النشر روَّانـي
ألا قولي حبيبتنا فامتثـــــــــــلُ
ألِي أملٌ بتِرْياقٍ يداوينــــــــي؟
فصَمْتُ الهجر سَوَّاني
أحِنُّ إلى تراتيل تسافر بـــــي
إلى أسْرارِ وحدتكِ فضمينـي
إلى سرٍّ ترجَّانـي
ولا تدعي مواويلي تعاتبنـــي
تبرحني وتفتك بي عـلى مهـلٍ
ففيض الوجدِ أظناني
تمر علي أيام أقلبـــــــهـــــــــا
دُقَيْقاتٍ أمليها أحاسبــنــــــــــي
وصكُّ بهاكِ غُفْراني
وبوحي لي ولو بعبير أشجـــــانٍ
فبوحكِ عِطْرُهُ حُقَنٌ تداوينـــــــي
ألا هُبي بريحانِ
أحن إلى سنا عينيك يرتشــــــفُ
بهاءَ الكونِ، من حولي، ويرتعش
لينثرني بأوزانِ.

ريم يحيرني



يا هاتف الليل إن القلب منفــطـــــــر
                         إن هزه نغم أذوى به السـهــــــــرُ
كُنْتَ الأسيلَ سها عن رسمك خاطري        
                          يَهديه نجمُ الهوى والسَّابِل القمرُ
أدْنَيْتَ أَفْنَاناً بِالوَجْدِ مُزهِـــــــــــــــرَةً       
                          كَالعِطْرِ فَوَّاحٌ يُسْرِي به وَتَــــــــرُ
ما إن سمعتُ الأصْواتَ مُنَغَّمَــــــــــة       
                         ضِحْكاتكِ شدْوٌ هفا لها غَجَــــــــرُ
إنْ لامني لائمٌ أنى يَهُنْ سَقَمِــــــــــي
                         أَسْبَلْتُ منتَكِساً كأنني حَــجَـــــــــرُ
أمْضي الليالي مُتَعْتِعاً كَرى نُسُكِـــــي
                        يا وَيْح مُسْتَعِرٍ أُوارهُ الــــحَـــــــوَرُ
هل لي بِمَكرمة إن حاذني وجلـــــــي  
                         يُبَرِّحُني لظىً في القلبِ يسْتَعِــــــرُ
كَمْ من شهيدٍ عفيفٍ سامهُ سَقَمــــــا
                        أشَحَّ عـليهِ خِلٌّ خــــانَـــهُ قــــــــدَرُ
تجورُ والصمتُ منها يعذبنـــــــــــــي  
                        وتقتلُ كلما غنى لها أشَــــــــــــــرُ
ما خِلْتُـني أكْبُو والعُمْرُ منْصَـــــــــرِمٌ
                       هَلْ يَسْتَتِرْ منْ كان إلْفُـهُ قَمَـــــــــرُ
"مَا كان حبك إلا فتنةً قُـــــــــدِرَتْ"[1]
                          صبْراً! أيُوحِشُـني فيْضٌ لهُ سُــوَرُ
إن نمت ذارعني أو سرت حاذانــــي 
                          إنْ رعت لاطفني مِلْهَاتهُ الوطَـــرُ
ريمٌ يحيرني إن لاح مَـبْــسَـــمـُـــــــهُ   
                        كالصحوِ زَيَّنَهُ بَرْقٌ له أثـــــــــــــرُ
فكري يعاتبني والقلب منشغـــــــــــل
                       تبريه صبوته تذري به العبـــــــــــرُ
إن قلت ما تَـئِدُ؟ اِزْوَرَّ يعتـــــــــــــــل
                      رباه أعذرهُ  زيغانه خــطـــــــــــــــرُ
أسماء طلسمهُ لا يرعوي أبـــــدا
                    أروي له قصص الماضين من عـبروا
يختار ما راقه منها ولا يهَـــــــنُ
                     يسْلو؛ أجِـــنِّـيُّ يـقـفــوهُ أم بشــــــــــرُ
كم كنت أرجو من الدنيا مساعفةً
                   لكنها ألهمتني صبرَ من صبــــــــــــروا
فكيف يصبر من قلت عزائمــــــه
                   والجرح لا يفتأ ينمو ويَستعـــــــــــــــرُ


[1] - شطر من بيت لابن زيدون ، يقول فيه : "ما كان حبك إلا فتنة قدرت *** هل يستطيع الفتى أن يدفع القدرا