الجمعة، 25 أبريل 2014

قصيصات باللغتين: العربية والأمازيغية

كنانيش

1-               مبتدأ صنعة الكناشة:

    عن الوراق الحفيد قال:
روى والدي عن جده قال: هي والكناشة سيان، إنما اختلف الأساطين في الحدود، فهي عند الزيات غيرها عند اللحام، وعند العشاب غيرها عند القصاب وهَلُمَّ. وقد يطلقونها على شوارد الكلم وأمور، إلا أن هذه تنجفل أحيانا، وأحيانا تنشذر، وأحيانا أخرى تنمذر، وذلك لأسباب تغيب وتحضر، وما يعاب منها يلحم بعضُه بعضا ويدحضه تارات. وقد علمنا بالشيوع اشتغال اهلنا، إلى وقتنا، بما لم يتيسر بقدر ما تعسر، ومنه شبهات وتشبيهات واستعارات وترصيعات وتزاويق وتنميقات سرقات، وتحويشات كناشات، تمكنا من تسريبها، وتحبيرها في ما هو آت. كان الله لكم والسلام.

2-               كناش الرجل والأتان:
    جاء في الخبر أن الأمر تبياه، أي تعمده، الرجل حتى ترخ الناس أي حزنوا حزنا شديدا لما عرفوه وقد تاخمهم جواره حتى تَبْتَبَ (شاخ)، وكان قد تأسل فيهم سيرة سلفه المألوس (المختلط عقله).
    تكونت حلقة حول المعقوف على نفسه.
   قال رجل: ما كان عليه، وهو في مثل هذا السن، الاقتراب منها.
    قال آخر: يا قوم..الرجل راود الأتان، فرفسته.
صرخت امرأة: ويحكم أتأكلون لحم أخيكم..إنه حي يتنفس..أنا المداوية كافلة له إن أودعتمونيه.
    وقفت الأتان تنظر وقد أصابتها حبسة وحوشها تحير. خاطبت نفسها قائلة: عاله طائش من عاشركم يا بني آدم. ثم شقت لها مخرما وسط الجمع.

3-               كناش الإنسي الحرون
      قام باكرا  كعادته..لكن هذه المرة وجد صعوبة في التخلص من الغطاء الوثير..ياه! بتثاقل قام..فتح الصوان ، واختار أجمل لباس مما كان معلقا أمامه. أحس وكأن الأمر سار دائما على النحو..أطل من النافذة يتفقد الزريبة..لم يتعجب من كون ذلك الحرون ما زال يلعق قشور البيض في المذود أمامه..مرر المشط على عرفه، ورش على أذنيه بعض النفثات من قارورة العطر، وتمتم: سأبيعه وأتخلص منه. اِتجه إلى الزريبة حاملا عصا قصيرة. فك رباطه..وضع الأدمة على ظهره، وركب تاركا قوائمه الأربعة تتدلى في كل الجهات..لكزه هاشا: هيا تحرك أيها الإنسي الحرون.

4-               كناش الذي نبت له قرن ومشى فوق البحر
   أحس بألم في قحفه. بدأ يحك. فكر: ها البحر وها البر. العين ناظرة والقلب منفطر، لا الظاهر يبدو ظاهرا ولا الباطن يكشف باطني عن آيات. غنما خلقت للأدب كبيات الناذرة، أهفو إلى لقاء قطبي الذي سير الأكوان مفازات، لأن لا حجاب بين الأحباب كما الأحوال.
     اشتد الألم، وشرع يزيد من الحك.  شعر بشيء ينتأ في مقدمة صلعته. خمن وهو يتأمل البحر. خلف البحر تصير لك مطيات، فتبين مسلكك وذر عنك الجمرات.
     توف الألم في رأسه. مسح بيده فاصطدمت بشيء ناتئ صلب.هو بلا أدنى شك قرن. خاطب نفسه: هذه من كرامات الأبدال. لك البحر مطية فاركبه هنيا، ومشى فوق البحر.

                        







بابات الإفك
1-           بابة زوبعة
       أهيف في الشارع قد يتعمج، ويثير زوبعة حر يترقش بالتحنان..
      اِقتحم الحر حصون القر.. زوبع  وازبد، ثم ارعد..
      انسل من قافلة عقود شيخ، عَقد هفا، وعقد سرى، ثم عقد وزان عقد، وجرى شابا يكنس خلف الزوبعة أرذل العمر…

2-            بابة الريح من بيت الجار
      اِستضفت يوما جارا أبغي حسنيين؛ التخلصَ من ديك ما فتئ يسمُنُ ويُطَيِّـرُ عني النوم قبل أن أهجع، وإخمادَ شوق للدَّسَم طال واستطال. وما كان لي سابقُ علم بأن الجار في الأعراض فتاك قوَّالٌ قؤول، وفي وغى الأطباق شمام لمَّام صؤول، ما إن ولج الدار، حتى أطلق كالسلوقيِّ شِباكَ الشم، وانْـشَـدَخ مِنخراه واتسعا يقتنصان نأمة ريح، وانقدحت خياشيمه تنخنخ، وشَدِقَ شَدقاه حتى  صار وكأن له خُمّا مقام فم ، واستلَّ  لسانا كالمِحْرَكِ دَأبُهُ هَيْجَ النار، أو كالمِطْرَحَةِ في يد طراح. فخفت من تضييع الحنسيين وما لا تحمد عقباه، فطفقت أصرخ: أدرك أهلك هذا الريح من بيت الجار. أدرك أهلك هذا الريح من بيت الجار...
3-            بابة أبجد هوز

     أيقضَ صبوته شدو أقبل من قَرَشَتْ تصابيها، ومرح، يا أيَّانَ سُرَّ من رأى! ها الذكرى ترتع في مراعيها.. هيت لك.. همت، وهم، وإذْ بالكف تعانق الخد حراقة براقة. فعرف أن هذه أبْجَدَ حقوقية من دروس جارات السوء. خمن في هَوَّز..
     وقبل أن تصبح، كان قد مسح الدارَ من كل أم حديدة، وانطلق إلى سوق الجمعة[1]...

4-            بابة الصُحبة
     
قال صاحبي: إن وحشة تتثواني  في كل حين، وقد أحكمت علي بتحير لا ينفك ينقدح شهبا حذائي.
     قلت:  أنت بالغ مقامات الشي، وربما كان هذا مستهل تغرب يحل بك، وما أظن منتهاه يهل.
    قال: وما أدراك بحالي؟
     قلت: أحوال الناسوت منها الظاهر ومنها الباطن؛ ظاهرها سقط، وباطنها ممحول بالفيوضات، فذب عن ظاهرك بباطنك.
     قال: قد فعلت.
     قلت: وإن. فلا أراك إلا مطية مسروجة لا راكب مسروج، قد حُشْتَ، والله، من كل مهلكة قددا. لا كان الله لك.
     قال:  ولا كانت لي معك بعد اليوم صحبة.

5-             بابة الشمس ذات العين الواحدة

      بتثاقل عبرت الزقاق، وهي تلتفت يمنة ويسرة، تحاول التخلص من خوف أدمنته منذ وطئت قدماها المدينة. وحين بلغت الطوار المدرج، تسلقته على أربع، وقبل أن تتمكن من الانتصاب على رحبته، أصدرت تنهيدات عميقة، ثم وقفت تنصت للفحيح الصاعد من صدرها، وتسترجع بعض ذكرياتها في مرابع قريتها الفسيحة؛ تمرح بين الوهاد والوديان، وتتسلق المرتفعات، وتنحدر مع المنحدرات، خلف قطيع الماعز؛ تلاحق شارداته فتردعها، وتسابق نزقاته فتسبقها، وتهارش صغاره، وتقارع تيوسه. تأتمر عرائس القصب بأوامرها، وتنز حلمات الضروع بلمسات من أصابعها.
      وضع الولد محفظته على ظهره. استأذن أمه في أن ينتعل حذاء العجلات. حذرته من أخطار الطريق، ثم طبعت على خده قبلة.. انسل  خارجا، يطوي الإسفلت مباعدا ما بين ساقيه.
      رمت المرأة بناظريها إلى رأس الزقاق، حين اخترق سمعها صوت احتكاك، ودعكت عينيها الدامعتين المرمدتين تنشد بعض صفاء الرؤية، فتبينت شبحا يتجه ناحيتها. نتأ في خلدها صورة عنز استوى تيسا بعد لأي، يستعرض فحولته وزان إناث القطيع. خفت آلام داء النقرس في مفاصل أطرافها وظهرها، ورأت نفسها تقف منتصبة متأهبة. وقبل أن يتم جذعها استقامته كاملة، أحست بوهن فضيع يلوي ساقيها ويصيرهما خرقتين باليتين. فقدت توازنها، وهوت في الفراغ.
     وفي لجة دوار باغتها أثناءه، رأت التيس  يشرع قرنيه ويندفع نحوها، ليطوح بها. فرأت والغيبوبة  تزحف على جماعها، الشمس تنظر إليها وتبتسم، ثم تغمز ..ياه! للشمس عين، وعين واحدة، وتعجبت كيف تكون للشمس عين واحدة.
     






فصول الصبا

1-  فصل وردة حلم

   بمناسبة عيد الأم، رغبت فاطمة أن تقدم لأمها وردة...كان الفصل شتاء، ولم يكن بالحي بائع ورد.. بحثت في حديقة الحي، فلم تجد غير الأوراق اليابسة تتلاعب بها الرياح..حزنت كثيرا. وفي نومها، رأت بأن العصفور الذي يرسو على شرفة حجرتها كل صباح يزقزق، قد أحضر لها وردة جميلة تفوح منها رائحة زكية...في الصباح، ما إن رأتها أمها تستيقظ من نومها، حتى أسرعت تطبع على خدها قبلة حارة، قائلة: أنظري إنها جميلة مثلك. نظرت فإ1ا بوردة الحلم ترقد على سرير الأم.
2-   فصل الفـــــــــــــــــخ
   
نصبا الفخ معا، وكمنا خلف جذع شجرة يتربصان..
    من أعلى الشجرة رأى العصفور الطعم؛ دودة سمينة تزحف.. قرقرت أمعاؤه، وانتفضت جناحاه..
    لمحاه يقارت..يقترب..وإذ بالغبار يتطاير يغيبه..لما وصلا، كان ما زال يتخبط في يأس. قال أحدهما أنا صاحبه، أنا نصبت الفخ. قال الآخر: بل أنا صاحبه. وشرعا يتخاصمان..صرخ العصفور: بل أنا الغبي الذي وقعت فيه...التقت نظراتهما. ثم..ثم..أطلقا ساقيهما ىالريح...  




نتا أنتاثْ

   اسْواميسْ ثبْذا اتْمونْ أكثمْشُومينْ اني أثْبَدَّلْ أخَّـسْ.. إجْ انهارْ يناسْ؛ واللهْ غَرْما اٍّسَّقْسِيغْ:
     أنِّيغَامْ ! منيبضانْ إضَناضْ خنهارُ؟
      ثزلي أخسْ أغَمْبوبْ انس. ثَوْثَا لَعْوِينْ أَمَلْعَوْذا سِسْبيبْ انسْ، ثَرْزَمْدْ إشَا البهوثْ، ورسينغ منيني مني توغا يغْضَسْ.
     ثناس: أنهارُ نَمْقودَّا.. ثخسذْ؛ ضَارِينُو خُضَارْ انَّكْ، أزْيَنْ إنو أزين أنك. لاَلاَشْ ثَسَّوَالْ أكِذَك ! وَرْثَخْسَذْ ها ثاوُّورْثْ، أيْرَوْ احَلْوَاشْ انك، ثكسيذ أوذار انك.



[1] - سوق المستعملات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق